غادة عامر.. منصة (إحجز) الطبية تجسيد حقيقي لاستخدام ثورة الذكاء الإصطناعي لأول مرة في مصر بالقطاع الصحي
قالت :أ.د. غادة عامر عميد كلية الهندسة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا،محاضر الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أنه بعد سنوات من تغلغل الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة، وتشغيل كل شيء بدءًا من الإعلانات السخيفة التي تطاردك على الإنترنت، إلى أنظمة التداول المالي، إلى تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ألعاب الأطفال، إلى سياراتنا المستقلة بشكل متزايد، حتى القطاع العسكري دخل الذكاء الاصطناعي فيه وبقوة.
مشيرة إنه بالتالي كان من الطبيعي أن تتغلل هذه التقنية في القطاع الصحي.
أشارت " "غادة" ففي مقال نشر مؤخرًا في مجلة "نيو إنجلاند" الطبية، يقول "إسحاق كوهين"، رئيس قسم المعلوماتية الطبية الحيوية بكلية الطب بجامعة هارفارد: "إن الذكاء الاصطناعي سيجعل من الممكن بالفعل الاستفادة من جميع المعرفة الطبية في خدمة أي حالة مهما كانت درجة خطورتها".
أضافت "الدكتورة غادة" فالذكاء الاصطناعي المصمم بشكل صحيح يمكنه جعل نظام الرعاية الصحية أكثر كفاءة وأقل تكلفة، وقد يؤدي ذلك إلى تحسين العلاج الشخصي، ويستطيع تخفيف عبء الأعمال الورقية وبالتالي سوف يقلص الروتين الذي يمكن أن يدفع المزيد والمزيد من الأطباء إلى التفكير بشكل ابتكاري لحل العديد من التحديات.
ونوهت كذلك يمكنه أن يملئ الفجوات الهائلة للوصول إلى الرعاية الجيدة في أفقر أماكن العالم. وأيضا يمكنه العمل كهيئة رقابية لا تشوبها شائبة بحثًا عن الأخطاء الطبية التي تقتل ما يقدر بنحو 200 ألف شخص وتكلف 1.9 مليار دولار سنويًا.
مؤكدة أن للفهم السريع لكيفية وتطوير أحدث نظم الذكاء الاصطناعي سوف يحدث ثورة في مجال الرعاية الصحيةو سوف نستعرض على سبيل المثال لا الحصر.
وأشارت "غادة" إلى مجالات عديدة يمكن للذكاء الاصطناعي ان يحدث فيها تغير نوعي، أولا: الكشف عن الضغوط النفسية لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث استخدمت البرمجة اللغوية العصبية كأداة فحص فعالة لاكتشاف وتتبع أعراض القلق والاكتئاب لدى العاملين في القطاع الصحي والمرضى على حد سواء، وكانت النتائج مذهلة لأنها تعرفت بشكل دقيق على تلك الضغوط. ثانيا: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز المحددات الاجتماعية للعمل الصحي،
وأضافت بما أن المحددات الاجتماعية للصحة (Social determinants of health) تتمثل في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئة المحيطة التي يعيش الأفراد ،والتي تحدد صحتهم.
مؤكدة هي عبارة عن ظروف الخطورة الاجتماعية، والتي قد تتسبب إما زيادة أو نقصان مخاطر الإصابة بمرضٍ ما، والتي منها على سبيل المثال أمراض القلب الوعائية أو سكري النمط الثاني. فقد وجد أن الذكاء الاصطناعي يستطيع اكتشاف المحددات الاجتماعية عن طريق النماذج اللغوية المضبوطة بدقة. لافته إلى إقتراح كيفية الوقاية لتقليل الإصابة بأي أمراض ناتجة عن تلك المحددات الاجتماعيه باستخدام الذكاء الاصطناعي لخلق كفاءات لتقليل الضغط على مقدمي خدمات الصحة النفسية. وأضافت أنه قد وجد باحثون من ألمانيا والمملكة المتحدة عند إستخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الإحالة والتقييم للمرضى.
أشارت إلى تقنية الذكاء الاصطناعي وفرت معلومات كثيرة عن المرضى قبل التقييم السريري، مما قلل من الوقت اللازم لإكمال التقييم الذي يقوم به الطبيب، وقلل من أوقات الانتظار لجلسات التقييم والعلاج، وانخفاض معدلات التسرب من العلاج، وتحسين دقة تخصيص العلاج، وتحسين معدلات الشفاء.
أكدت عميد كلية الهندسة ، أن الذكاء الاصطناعي قام بتقديم إسهامات بارزة كبيرة للطب الدقيق والعلاج القائم على الفرد، منوها إلى أن الذكاء الاصطناعي له القدرة على إحداث تغيير جذري في القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية من ناحية التدريب والتأهيل واخذ القرارات الصحيحة.
موضحة أن كذلك من أهم التغيرات التي أحدثها في تقديم الرعاية هو تصميم التشخيص والعلاج المخصص لكل فرد، وذلك بمساعدة تقنيات أخرى حديثة كالنانو تكنولوجي، والبيو تكنولوجي وغيرهم من التقنيات الجديدة.
وأشارت "غادة "إلى معالجة البيانات الكثيرة للمساهم في إعطاء قرار أو التنبؤ بما يمكن، إن القوة العظمى لتقنية الذكاء الاصطناعي هي أنها تستطيع تحليل كميات كبيرة من البيانات، لإعطاء المعلومات أو التنبؤات الصحيحة في الوقت المناسب.
مؤكدة سيساعد الأطباء كثيرا في التشخيص أو تقليل المخاطر التي يمكن أن تحدث للمريض في المستقبل،مشيرة إلى أن ماتم استعراضه الآن يعد بمثابة أمثلة بسيطة للتغيير الذي أحدثته تقنية الذكاء الاصطناعي في الطب.
قالت "عامر " انه بالرغم من الثورة التي يحدثها الآن الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي إلا أن هذه التكنولوجيا موجودة في الطب منذ عقود، ففي وقت مبكر من السبعينيات، تم تطوير "الأنظمة الخبيرة" -وهي نوع من خوارزميات الذكاء الاصطناعي- والتي قامت بتشفير المعرفة في مجموعة متنوعة من المجالات من أجل تقديم توصيات بشأن الإجراءات المناسبة في ظروف معينة، مشيرة مثل نظام "MYCIN" الذي كان عبارة عن نظام خبير تسلسلي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد البكتيريا المسببة للعدوى الشديدة، مثل تجرثم الدم والتهاب السحايا، والتوصية بالمضادات الحيوية، مع تعديل الجرعة حسب وزن جسم المريض.
وأكدت على أنه تم تطوير MYCIN على مدى خمس سنوات في أوائل السبعينيات في جامعة ستانفورد.
*وأشادت "عامر" بما حدث في مصر في يوم 6 مارس الماضي، عندما اعلنت شركة Special Med AI بإطلاق تقنية جديدة عبر منصة (إحجز) لعلاج حالات القدم السكري والحروق والقرح الوريدية باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث أفادت الشركة أن هذه التقنية سوف تخلق مجموعة من الأساليب العلاجية المخصصة والفعالة لكل حالة من حالات القدم السكري والحروق والقرح الوريدية للمرة الأولى في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، معبرة عن سعادتها البالغة للمساعدة على رفع نسب شفاء الحالات المصابة ويقلل من مضاعفات المرض.
وثمنت "الدكتورة غادة "يأتي هذا الإنجاز ضمن مساعي الشركة لتخفيف المعاناة عن المرضى وتحقيق رؤية مصر في تطوير القطاع الصحى.*
وعبرت "غادة" عن مخاوف ومخاطر محتملة أثناء الاستخدام للذكاء الاصطناعي، فمثلا يمكن للأنظمة سيئة التصميم أن تخطئ في التشخيص. كذلك يمكن للخوارزميات المدربة على مجموعات البيانات التي تعكس التحيزات الثقافية أن تضر مجموعه او عرق معين. ويمكن للبرامج التي تتعلم (تعلم الآلة) أن تنتج مجموعة كبيرة من المشاكل غير المقصودة بمجرد أن تبدأ في التفاعل مع بشر لأنها تجمع العلاقات وتحللها بشكل مختلف عما يقوم به البشر.
ونتيجة لذلك بدأ المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا التابع لوزارة التجارة الأمريكية (NIST) في صياغة إطار عمل لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي في عام 2023م كمورد لدمج اعتبارات الجدارة بالثقة في تصميم وتطوير واستخدام وتقييم منتجات وخدمات وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وقد أدى هذا بتحديد "التعلم الآلي العدائي" والذي هو عبارة عن محاولات "تسميم" نظام الذكاء الاصطناعي أو التسبب في حدوث خلل فيه عن طريق الخلط بين عملية صنع القرار والتوجيه الخاطئ أو طرح البيانات غير الجديرة بالثقة.
وعلى الرغم من أن الوعد عظيم، إلا أن الطريق أمامنا ليس سلسًا بالضرورة. وحتى أكثر مؤيدي الذكاء الاصطناعي حماسة يعترفون بأن المخاطر المحتملة، المرئية وغير المرئية، يجب أن تؤخذ على محمل الجد لأنها يمكن أن تؤدي إلى كارثة لاقدر الله.